ارتكبت المليشيا الحوثية في اليمن منذ انقلابها، أبشع الجرائم بحق المؤسسات الإعلامية والإعلاميين، وما توفر من أرقام يبيّن أن تلك الانتهاكات غير مسبوقة في العالم، ولم تصل إليها دولة، مهما كانت صراعاتها.
وأوضح وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، أن الإحصائية التي لدى الوزارة تُبَيّن أنه إلى عام 2013م، كان هناك أكثر من 290 صحيفة ومجلة (يومية، أسبوعية، شهرية، فصلية)، منها 17 صحيفة يومية، و155 صحيفة أسبوعية، و26 صحيفة شهرية، وغيرها من الصحف، و4 قنوات رسمية، و15 قناة خاصة.. وأما في عام 2015م أصبحت فقط 10 صحف وقناتان رسميتان موظفتان للانقلابين، وكل المؤسسات الإعلامية المواجهة للانقلاب، القائمة اليوم، أعادت نشأتها وتأسيسها من خارج اليمن، بإمكانات محدودة؛ في حين يستولي الانقلابيون على إمكانات هذه المؤسسات.
وقد أشارت نقابة الصحفيين إلى أن أبرز الانتهاكات التي مارسها الحوثيون بحق الإعلام والإعلاميين منذ الانقلاب؛ هي قتل وشروع في القتل واختطاف وتعذيب وتهديد واعتداءات ونهب ممتلكات واختطاف أقارب، ودروع بشرية وتهجير وإغلاق صحف ونهب وإغلاق قنوات وحجب مواقع إلكترونية أخرى 2015م، إلى جانب 18 صحفياً لا يزالون رهن اختطاف مليشيا الحوثي، ومحرومون من حقهم في التطبيب والرعاية الصحية، وصحفي واحد تختطفه القاعدة؛ حيث تسجّل الأرقام المرصودة جزءاً يسيراً من الأرقام الحقيقية؛ فهناك حالات كثيرة لم يتيسر رصدها.
وثمة تقرير آخر لمنظمة “صحفيات بلا قيود”، رصد انتهاكات المليشيا للصحافة والصحفيين في اليمن منذ الانقلاب وحتى نهاية النصف الأول من العام الجاري 2017م، وأشار التقرير إلى أن “عدد الصحفيين والإعلاميين الذين فقدوا حياتهم في نفس تلك الفترة الزمنية بلغ 26، ومنذ عام 2014 وحتى نهاية شهر يونيو 2017، بلغ عدد الانتهاكات للحريات الصحفية 825 حالة.
وفي أغسطس من العام الحالي 2017م أصدرت الأمم المتحدة تقريراً ذكرت فيه أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وأن مليشيا الحوثي قامت بحملة قمع ضد الناشطين المدنيين والصحفيين وأعضاء في المجتمع المدني من خلال أساليب؛ مثل: التخويف، الاحتجاز التعسفي، والإخفاء القسري، والقتل.
وأشار التقرير إلى أن المليشيات أغلقت منذ العام 2015م، 21 موقعاً إلكترونياً، و7 قنوات تلفزيونية، كما قامت بحظر نشر 18 صحيفة، ومداهمة مبانٍ، و52 منظمة من منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان؛ منوهاً بأن كثيراً من الناشطين غادروا البلاد خوفاً من الانتقام؛ حيث استهدفت المليشيات جميع المؤسسات الإعلامية والمنتسبين إليها، الذين تعرضوا لأسوأ أنواع الانتهاكات، ولم يعد للحكومة الشرعية ولا لمؤيديها أي وجود في المحافظات التي لا يزال الانقلابيون يسيطرون عليها؛ حيث أصبح كل ما كانت تمتلكه من قنوات، وصحف، ومواقع، ومراكز -من معدات وتجهيزات- مُصادَراً من قِبَل المليشيا.
وذكرت مجلة “المنبر اليمني” الصادرة عن “المنبر اليمني للدراسات والإعلام” العدد الثامن، ديسمبر 2017م، الموافق ربيع الأول 1439هـ، أسوأ الجرائم التي لن ينساها الإعلام اليمني؛ منها: احتلال مبنى تلفزيون الجمهورية اليمنية، وقد مثّلت تلك الجريمة صدمةً للإعلام اليمني، وتحدّث مصدر في الفضائية اليمنية لمجلة “المنبر اليمني” قائلاً: قبل الحادي والعشرين من سبتمبر من العام 2014م -وهو التاريخ الأسود لسقوط العاصمة صنعاء بيد مليشيا الحوثي- كانت بداية المعركة تستهدف مقر قناة اليمن الفضائية في منطقة الجراف، وحي التلفزيون، تحت مبررات وذرائع واهية، بدأوا المعركة من حيث أدركوا أنهم سيسقطون الدولة، عندما يسكت صوته، وبدأت المليشيات تستهدف المبنى بوابل القذائف، من مسلحي المليشيا، وتمنع الدخول أو الخروج إليه، وتمت محاصرة مبنى القناة الذي صمد لثلاثة أيام في وجه العدوان، برجاله وكوادره الموالين للشرعية والدولة، الرافضين للمليشيا الانقلابية؛ لكن المليشيا فرضت عليه طوقاً من المسلحين، ولما ضاق الخناق وزادت سطوة العدو وتقاصر الدعم وزاد الحصار وأطلت الخيانة، تمكّنت المليشيا من السيطرة على مبنى التلفزيون.
وفي سبتمبر 2104م الذي يكاد يكون أسوأ الأشهر التي عرفها الإعلاميون، بل اليمن كلها، وعند دخول الانقلابيين لصنعاء؛ اقتحموا جميع مقرات المؤسسات الإعلامية من قنوات وإذاعات وصحف، وصادروا أجهزتها ومعداتها، وعبثوا بمحتوياتها، واختطفوا مَن تبقى من عامليها، وأغلقوا المواقع والقنوات والصحف التي كانت تصدر في اليمن قبيل الانقلاب.
وفي 9 يونيو 2015م، اعتقلت مليشيا الحوثي 9 صحفيين من أحد المباني في شارع الستين الشمالي بصنعاء أثناء مزاولتهم لعملهم، ولا يزالون حتى اللحظة في المعتقلات، يمارَس بحقهم أبشع أنواع التعذيب، ولا يُسمح لأهلهم بزيارتهم، أو تطبيبهم، وتفقد أحوالهم، وفي 21 مارس، 2016م، استهدفت قناصة الحوثي -بشكل جماعي متعمد- مجموعةً من الإعلاميين، وارتكبت مجزرةً بحقهم، واستُشهد برصاص القناصة المصور الصحفي، محمد اليمني، وأصيب أربعة آخرون من زملائه، خلال تغطيتهم للمعارك بجبهة الضباب، بمحافظة تعز.