لفتت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن فيروس كورونا يثير نفس الرعب والقلق الناجمين عن الإرهاب، لكنه إرهاب ناجم عن الطبيعة وليس البشر، ويتطلب استجابة مختلفة تقضي بأن يبقى المرء وحيدا.
وذكر تقرير بالخصوص أن الفيروس التاجي صنع شكلا خاصا به من الإرهاب، وقلب الحياة اليومية وشل الاقتصاد، وباعد بين الناس، وولّد الخوف من الغريب، ومن المجهول وغير المرئي، وأفرغ الشوارع والمطاعم والمقاهي، وتسبب في خلاء عالمي تقريبا، وأوقف السفر الجوي وأغلق الحدود.
وقالت الصحيفة إن الفيروس التاجي قضى على الآلاف وملأ المستشفيات بزيادات لا ترى إلا في زمن الحرب، مشيرة إلى أن الناس تستعد للذهاب إلى المتاجر بالأقنعة والقفازات، كما لو أنهم يخوضون معركة.
ورأى التقرير أن الوباء الحالي وخاصة بالنسبة لأوروبا التي عانت من موجات الإرهاب، له أصداء غريبة، فقد خلق رعبا من نوع جديد، لأنه غير مرئي ومنتشر وليس له تفسير واضح، وهو ملحق بالطبيعة وليس بالوكالة البشرية أو باسم الإيديولوجية، كما كان متعارف عليه.
ورصد بيتر نيومان، أستاذ الدراسات الأمنية في الكلية الملكية بلندن ومؤسس المركز الدولي لدراسة التطرف أن “الناس يخافون من الإرهاب أكثر من قيادة سيارتهم”، لافتا إلى أن الكثير من الناس يموتون بسبب حوادث السيارات أو السقوط في حوض الاستحمام أكثر من الإرهاب، لكنهم يخشون الإرهاب أكثر، لأنهم لا يستطيعون السيطرة عليه.
وتابع الأكاديمي يقول إن “إرهاب” الفيروس التاجي أكثر إثارة للخوف ليس فقط لأنه منتشر على نطاق واسع، ولكن لأنه أيضا منيع عن الاستجابات المعتادة مثل المراقبة، وفرق القوات الخاصة، والعملاء المزدوجين أو الإقناع.
وشدد نيومان على أن هذا الخطر المحدق “ليس عدوا بشريا أو أيديولوجيا، لذا فمن غير المحتمل أن يتأثر بالخطابة أو بالخشونة”.
وبين أوجه اختلاف الفيروس التاجي، مشيرا إلى أن الفيروس، هو “شيء لا نعرفه، لا يمكننا السيطرة عليه، لذلك نحن خائفون منه”، مضيفا أن هذا الوباء قضى بالفعل على أمريكيين، أكثر من حوالي 3000 شخص لقوا حتفهم في هجمات 11 سبتمبر، وسوف يقتل أعدادا أكبر.
وسجل نيومان أن المحللين الذين انكبوا على تهديدات أكثر ليونة، مثل الصحة والمناخ، كانوا لفترة طويلة يعتبرون ثانويين”، ورأى أن هذا الوضع سيتغير “وسيتم استخداث أقسام للأمن الصحي وتعيين علماء الفيروسات من قبل وكالة الاستخبارات المركزية، وستتغير فكرتنا عن الأمن”.
أما توماس هيغامر، الخبير في شؤون الإرهاب وكبير الباحثين في مؤسسة أبحاث الدفاع النرويجية بأوسلو فيرى وجود فرق “بين الكوارث الطبيعية والكوارث من صنع الإنسان.. عادة ما يخشى الناس من التهديدات التي من صنع الإنسان، حتى لو كانت أقل ضررا”.
ووجد جوليان سميث، المستشار الأمني السابق لجو بايدن، قاسما مشتركا بين الإرهابين، يتمثل في الإحساس بالعجز.
وقال في هذا الشأن: “أنت لا تعرف متى سيضرب الإرهاب أو الوباء، لذلك فإنه يغزو حياتك الشخصية، فتقلق ممتلئا بالرعب على وجودك وسط الحشود والتجمعات والأحداث الرياضية. الأمر نفسه مع الفيروس، الحشود مثيرة للخطر”.
المصدر: نيويورك تايمز