في حين أدى منع التجوُّل والإغلاق الكامل الذي يعيشه العالم حاليًا من جراء تفشي جائحة كورونا المستجد إلى لزوم الناس منازلهم؛ وأصبحت الشوارع والطرقات خالية، خاصة في ساعات الليل، إلا من الحيوانات الشريدة، فإنه -على ما يبدو- قد استجابت الطائرات هي الأخرى لهذه الحالة الاستثنائية؛ لتبقى في مرابضها ساكنة.
فقد أظهرت صورٌ حديثة أساطيل أشهر الخطوط الجوية العالمية رابضة في مدارجها بلا حركة بعد أن ملأت السماء بضجيج محركاتها دهرًا، وذلك في حالة استثنائية يعيشها العالم بأسره في العصور الحديثة.
تأثير واسع للأزمة
وأصبح من الجلي تأثُّر قطاع الطيران والسفر بتعليق الطيران الذي تمارسه معظم دول العالم، أو مارسته الشركات ذاتيًّا، والإجراءات والتشديدات الوقائية والاحترازية تخوفًا من نقل العدوى، أو إصابة طواقمها وكوادرها.
وأكد الاتحاد الدولي للنقل الجوي “إياتا” أن قطاع الطيران بحاجة إلى إجراءات طارئة لتجاوز أزمة فيروس كورونا، وذلك في ظل قرارات حظر السفر العالمية، التي تشكل ضغوطُا مالية وتشغيلية على شركات الطيران، التي يعمل بها نحو مليونين و700 ألف شخص حول العالم.
وأظهر تقرير “إياتا” أن قطاع النقل الجوي سيتكبد خسائر بـ113 مليار دولار خلال العام الحالي، مع توقعات بتفاقم الرقم؛ وهو ما ينذر بأسوأ أزمة تمرُّ بها شركات الطيران في تاريخها.
ودفعت الأزمة معظم شركات الطيران العالمية إلى اتخاذ إجراءات قاسية؛ فقد قامت بإلغاء الرسوم على تغيير رحلات المسافرين لحجوزاتهم، وألغت أو أجلت طلبيات الطائرات الجديدة، وخفّضت طاقة رحلاتها الدولية، وجمّدت الوظائف، إضافة إلى خفض النفقات وأجور التنفيذيين.
فيما أشار تقرير حديث لوكالة “بلومبرج” الأمريكية إلى أن جميع شركات الطيران تعاني معضلة إلغاء الحجوزات بسبب الفيروس، بدءًا من شركة “كانتاس” و”كاثي باسيفيك” في آسيا، وصولاً إلى “لوفتهانزا” الألمانية والخطوط الجوية الفرنسية “كي إل إم”، حتى الخطوط الجوية المتحدة والخطوط الجوية الأمريكية في الولايات المتحدة.
وذكر التقرير أن الإرشادات الحكومية وحظر السفر وفرض الحجر الصحي والمخاوف المتنامية بشأن التقاط العدوى أثناء السفر دفعت شركات الطيران إلى إصدار تخفيضات هائلة على رحلاتها.
وبحسب التقرير، خفّضت شركة لوفتهانزا عدد الحجوزات بنسبة تصل إلى 50%، كما قلّصت شركة الخطوط الجوية المتحدة برنامجها المحلي الخاص بشهر إبريل بنسبة 10%، وخفّضت الرحلات الدولية بنسبة 20%.
ولفتت “بلومبرج” إلى أن الفيروس نجح بالفعل في تسجيل أولى ضرباته في صناعة الطيران؛ إذ تعرضت شركة الطيران البريطانية “فلاي بي” لضغوط مالية قبل بدء انتشار العدوى، وانهارت في نهاية المطاف في 5 مارس في ظل تراجع الطلب.